شميمة بيغوم.. المصير المجهول لنساء «داعش»
منذ أن ظهرت قضية الفتاة البريطانية الجنسية شميمة بيغوم، على وسائل الإعلام عام 2019، بعدما قامت السلطات البريطانية بتجريدها من جنسيتها، ثم رفضها بعد ذلك وعودتها مرة أخرى، بحجة تهديدها للأمن والسلامة في البلاد، وهناك العديد من التساؤلات تثار حول مصير النساء «الداعشيات» في مخيمات الاعتقال في سوريا والعراق، خاصة بعد أن أصبح للعديد منهن أطفال صغار تم إنجابهن من مقاتلي التنظيم الذين لقوا حتفهم خلال المعارك، وهو ما أصبح يطلق عليه ظاهرة «أيتام داعش».
وتزداد حدة تلك الأزمة وصعوبتها في ظل كثافة أعداد هؤلاء النساء، حيث يعد «داعش» من أكثر التنظيمات الإرهابية على الإطلاق استقطاباً وتجنيداً للنساء، اللاتي لم يكتفين بالانضمام الفكري، وإنما تركن بلادهن وتوجّهن إلى مناطق سيطرة التنظيم في العراق وسوريا، وتشير بعض التقارير إلى أن «داعش» تمَكّن خلال الفترة من 2014 وحتى 2017 من استقطاب أكثر من 3 آلاف سيدة من مختلف دول العالم، وهن مَن أطلق عليهن التنظيم مسمى «المهاجرات».
وقد عاش هؤلاء النسوة في مناطق «داعش» قرابة ثلاث سنوات، تشبعن خلالها بالأفكار الهدامة والمتطرفة، إلى جانب ممارستهن أشكالاً متنوعة من العنف، على نحو جعلهن على قدر من الخطورة لا تقل عن مقاتلي التنظيم. كما أن تنظيم «داعش» لم يكتف فقط بانخراطهن في الأعمال التقليدية، مثل القيام بمهام التمريض وتعليم الأطفال، إلى جانب الزواج من مقاتليه، وإنما استخدمهن أيضاً في الأعمال العسكرية، بداية من عمليات الرصد وجمع المعلومات، ومروراً بزرع المتفجرات والألغام، وانتهاء بالمشاركة في الهجمات الانتحارية.
وقد أدى ذلك إلى بروز جيل من النساء «الداعشيات» يتسمن بالعنف المفرط، مثلهن مثل مقاتلي التنظيم، وهو ما تكشف عنه أوضاع هؤلاء النسوة داخل مخيمات الاعتقال في سوريا، مثل «مخيم الهول»، الذي تسيطر عليه النساء «الداعشيات»، اللاتي يحاولن فرض أفكار التنظيم ومعتقداته بالقوة على النزيلات الأخريات، ومن يعترض منهن أو ترفض تتعرض للضرب والقتل والحرق، وربما هذا ما دفع العديد من الدول الغربية إلى رفض عودة هؤلاء النساء إلى أراضيهن مرة أخرى.
وهو ما يثير التساؤلات بشكل متكرر مجدداً حول مستقبل النساء «الداعشيات» في مخيمات الاعتقال «الداعشية»، ولاسيما بعد أن رفضت الحكومة البريطانية مؤخراً القضية التي كانت قد رفعتها «بيغوم» العام الماضي لاستعادة جنسيتها البريطانية مرة أخرى، ما يعني أنها لن تتمكن من العودة إلى المملكة المتحدة.
وتتفاقم أزمة نساء «داعش» المعتقلات بعدما أصبح معظمهن أمهات لأطفال يعيشون معهن في أوضاع صحية واجتماعية متردية للغاية داخل مخيمات الاحتجاز، ما يزيد من حالة السخط والكراهية لديهن تجاه دولهن والعالم أجمع، ولاسيما في ظل سيطرة الأفكار «الداعشية» على تلك المخيمات، وهو ما يفرض على دول العالم المختلفة ضرورة التكاتف من أجل المساهمة في حل تلك الأزمة، من خلال تحمّل كل دولة لمسؤوليتها تجاه مواطنيها من نساء «داعش» المحتجزات في مخيمات الاعتقال السورية، حتى لا نجد أنفسنا أمام خزان ضخم من المتطرفين من النساء والأطفال، يمكن أن ينفجر في أي لحظة في المستقبل، وحينها لن تقتصر نيرانه على المنطقة العربية فقط، وإنما ستطال العالم أجمع.
*باحثة - مركز تريندز للبحوث والاستشارات